هل سيغير قرار محكمة العدل الأوروبية من واقع ملف الصحراء؟

 هل سيغير قرار محكمة العدل الأوروبية من واقع ملف الصحراء؟
الصحيفة - افتتاحية
الأثنين 7 أكتوبر 2024 - 0:21

قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بـ" بإبطال" اتفاقين تجاريين يتعلقان بالفلاحة والصيد البحري بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي.

المحكمة التي يوجد مقرها بلوكسمبورغ وتسهر على "تطبيق" قانون الاتحاد الأوروبي على الدول الأعضاء، أكدت أن "هذان الاتفاقان اللذان يعودان للعام 2019 ويتعلقان بالصيد والزراعة، أبرما في "تجاهل لمبادئ تقرير المصير للشعب الصحراوي". مضيفة في ذات الحكم أنه "حتى لو تم استطلاع أراء السكان بهذا في الصحراء الغربية، فإنها لم تكن لتعني موافقتهم"!

الخارجية المغربية ردت على هذا القرار بأن المملكة "غير معنية" به، لأنه بين الاتحاد الأوروبي الذي استأنف الحكم وبين جبهة "البوليساريو" الانفصالية صاحبة الشكاية التي أفضت إلى هذا الحكم، معتبرة في بلاغ أن "مضمون القرار تشوبه العديد من العيوب القانونية الواضحة وأخطاء في الوقائع محل شبهات"، وهو ما يؤشر في أحسن الأحوال على "جهل تام بحقائق الملف، إن لم يكن انحيازا سياسيا صارخا".

الذي يمكن التقاطه من بلاغ وزارة الخارجية المغربية هو اعتبار أن قرار محكمة العدل الأوروبية "انحياز سياسي صارخ". ومن خلال العديد من الوقائع يستشف أن القرار لا يخلو من "ذانية" و"انحياز سياسي" لقضاة المحكمة، خصوصا إذا تمت مطابقة هذا القرار بما قررته محكمة الاستئناف البريطانية بلندن شهر ماي من السنة الماضية (2023) حينما رفضت بشكل نهائي طلب استئناف تقدمت به منظمة "WSCUK" الداعمة لجبهة "البوليساريو" الانفصالية من أجل إبطال اتفاق شراكة بين المغرب وبريطانيا.

وإذا كانت جبهة "البوليساريو" الانفصالية استندت على نفس الحجج الذي فشلت من خلالها في إقناع القضاء البريطاني العريق في مثل هكذا أحكام، فكيف اقتنع قضاة محكمة العدل الأوروبية، بنفس الدفوعات؟ كيف لقضاة في محكمتين أوروبيتين تستند للقانون الدولي وعلى القرارات الأممية أن تحكمان على النقيض من بعضهما البعض؟

في أوروبا، بما فيها الدول المنضوية تحت لواء محكمة العدل الأوروبية هناك ما يزيد عن 55 حركة انفصالية، توجد في دول الاتحاد مثل إسبانيا (الباسك) بلجيكا (مقاطعة فلانديرز) إيطاليا (جنوب تيرول وبادانيا/تطالب باستقلال الشمال الإيطالي) فرنسا (كورسيكا) ألمانيا (بافاريا) الدانمارك (جزر فارو)... والقائمة طويلة، غير أن كل الهيئات الأوروبية تجعل القانون يعمل لصالح وحدة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل ما حدث في قضية استفتاء كاتالونيا حينما صوت أغلبية سكان المنطقة من أجل الاستقلال، غير أن كل الهيئات الأوروبية رفضت نتائج الاستفتاء، وصاغت هذا الرفض بقوانين تلائم وحدتها.

وهذه هي سياسة الأوروبيين التي عبر عنها، ذات يوم، مسؤول السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، حينما صرّح  بأن أوروبا "حديقة"، وبقية العالم "أدغال"، وحذر من أن تغزو "الأدغال" تلك "الحديقة". إنها الحقيقة حيث القوانين الجافة بدون روح تطبق على الدول خارج أوروبا، وحينما يتعلق الأمر بأمن الدول الأوروبية فإن القوانين يصبح لها روح وجسد وتعليل لتبقى أوروبا في "منطقة الأمان" بعيدا عن "غطرسة القوانين".

قرار محكمة العدل الأوروبية لن يغير على الأرض أي شيء، هو جولة من جولات خاضها المغرب على مدار نصف قرن حول ملف الصحراء، ومع ذلك بقيت حقيقة واحدة بارزة لا تتغير وهي أن المغرب تبدأ حدوده من طنجة وتنتهي عند الكويرة، وهذا هو الواقع الذي لن يغيره أي حكم من محكمة في ليكسومبرغ!

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...